نداء عاجل إلى لجنة الخمسين أنقذوا مصر من سموم المادة 158 لأنها تحول دون تحقيق العدالة التي وضعت من أجلها لعدم وجود أي مشاركة أو رقابة من ممثلي الشعب على مرفق القضاء و التي سارت بعد الثورة نحو الأسوأ . ففي دستور 1971 كان رئيس الجمهورية هو رئيس المجلس الأعلى للقضاء وحيث يفترض أن رئيس الجمهورية منصب منتخب من الشعب وبهذا يفترض أن ممثل الشعب هو من يرأس السلطة القضائية باعتبار أن الشعب هو مصدر للسلطات , و في دستور 2012 تم إلغاء هذا النص بإدعاء الفصل بين السلطات دون وضع نص بديل يحافظ على حق الشعب في الرقابة وبهذا تم إسقاط حق أصيل للشعب وبقي حق آخر وهو أن يحق لمجلس الشعب وضع القوانين والرقابة على الموازنة الخاصة بالقضاة ثم جاءت الطامة التي عصفت بهذا وذاك وهي المادة 158 ونصها كالآتي :-"تقوم كل جهة، أو هيئة قضائية على شئونها، ويكون لكل منها موازنة مستقلة تدرج في الموازنة العامة للدولة رقمًا واحدًا، ويؤخذ رأيها في مشروعات القوانين المنظمة لشئونها، وتُقر بموافقة ثلثي أعضاء مجلس الشعب".. ويكمن السم في تغيير لفظ "وفقا للقانون" في النصوص السابقة وهو يعني أن المرجعية النهائية لمجلس الشعب , إلى لفظ " تُقر" في هذه المادة ويعني أن مجلس الشعب يلتزم بقيام كل جهة قضائية على شئونها دون تدخل منه أو من غيره سواء بالرقابة أو بالتشريع .حتى لو تم الإبلاغ عن فساد مالي أو إداري داخل هذه الجهات .ولا يجب أن ننسى أن هذه جهات معينه وليست منتخبه والفرق شاسع , فمعنى التعيين هو القيام بمهام وظيفية وفقا للقانون الذي يمنح الوظيفة سلطات وفي نفس الوقت يراقبها حتى يحدث اتزان في الوظيفة, أما المنتخب هو الذي يتم تقييم أداؤه التشريعي والرقابي بشكل دوري كل فتره وبناء عليه يتم استمرار انتخابه من عدمه ومن هنا نضمن التقدم دائما إلى الأفضل . وغير ذلك التوازن فإننا ننتج فئة طاغية بأنفسنا .. حتما ولابد من اصطدام هذه المادة مع المصلحة الشعبية , وبعيدا عن عدم وجود ضمان لمواجهة الفساد المالي الوارد في لفظ "رقم واحد " سنتحدث عن مثال آخر وهو تعيينات أعضاء النيابة , فإذا افترضنا مثلا أن تقرر قبول دفعه كاملة من أبناء القضاة والمستشارين مستبعدين أي فرد من أبناء الشعب سيكون ذلك للأسف الشديد حق دستوري لهم لا يستطيع أحد أيا كان التدخل فيه , ولن ينفع الشعب الرئيس أو مجلس الشعب المنتخبين ولن يجد الشعب أمامه سوى اللجوء إلى من يتهمه بإهدار حقه أو أن يلجأ الشعب بالمطالبة بتغيير هذه المواد مما يستغرق حقبه أخرى من الزمن نكتوي فيها بنار ظلم هذه المادة لحين تعديلها .. السؤال الذي يطرح نفسه , هل من حق الشعب الرقابة على السلطة القضائية ؟ الإجابة ببساطة هي أن الشعب هو مصدر السلطات والرقابة الشعبية هي أصل كل رقابة والقاعدة هي أن المنتخب يشرع ويراقب المعين , وأحب أن أشير إلى أنه لا يجوز القياس على فتره استثنائية فاشلة (حكم الإخوان) حتى نطيح بحق الشعب في الرقابة , فطريق الديمقراطية أشبه بالطفل الذي يبدأ في المشي فيقع , فبدلا من أن نتركه ليحاول المشي مره أخرى ويتعلم من المرة السابقة نمنعه من المشي خوفا من الوقوع وبهذا الخوف لن يمشي أبدا , والطبيعي أن يحاول مره أخرى وستكون بلا شك أقل وطأه من الأولى وهكذا حتى يتمكن من المشي ثم الجري .. هذا ليس بدعا ولنا في الدستور الفرنسي أسوه حسنه فكانت دائما مصدرا لنا في الدساتير والقوانين , فلقد وصلت فرنسا حديثا في 2008 بتجاربها الديمقراطية في تحقيق العدالة والمساواة والتي لا يستطيع أحد المزايدة عليها فهي باحثه بكل جدية عن الكرامة والعدالة وحقوق المواطنين وتعرف جيدا معنى الفصل بين السلطات , قامت بتعديل الدستور الفرنسي في 2008 لتصل إلى مادة غاية في التوازن العددي والنوعي بين الرقابة الشعبية والقضاة وإليكم مختصر المادة 65 :. يتكون المجلس الأعلى للقضاء من تشكيلتين الأول رئيس محكمة النقض وخمسة قضاه وعضو من النيابة العامة ومستشار دولة يعينه مجلس الدولة ومحام وكذا ست شخصيات لا تنتمي إلى البرلمان أو إلى النظام القضائي ؛ يعين كل من رئيس الجمهورية ورئيس الجمعية الوطنية ورئيس مجلس الشيوخ شخصيتين مؤهلتين . والتشكيل الثاني خاص بالنيابة العامة وبنفس الطريقة والعدد . أما بالنسبة للمحكمة الدستورية فكل تشكيلها يتم اختياره من قبل المؤسسات المنتخبة - مادة 56 .. وأرى أن مطالبة مجلس الدولة والمحامين بحقهما بأن يكون لكل منهما مقعد في مجلس القضاء يساهم في حل أزمتهما مع الدستور ،لذلك نقترح تعديل هذه المواد ووضع مادة للمحكمة الدستورية مماثلة للدستور الفرنسي ومادة أخرى مماثلة تختص بالمجلس الأعلى للقضاء وليكن نصها :"يرأس الجهات والهيئات القضائية مجلس يتكون من رئيس محكمة النقض وخمسة من القضاة ومحام ومستشار مجلس دولة و شخصين يعينهما رئيس الجمهورية وأربعة يعينهم مجلس الشعب من غير القضاة أو أعضاء البرلمان " فلم يعد مقبولا بعد أن دستور مصر في 2013 يدنو ولا يعلو على دستور فرنسا في 2008 ويهدر حق الشعب في الرقابة والتشريع وهو الضمان الوحيد لتحقيق العدالة ..
Reda Baz
نداء عاجل إلى لجنة الخمسين أنقذوا مصر من سموم المادة 158 لأنها تحول دون تحقيق العدالة التي وضعت من أجلها لعدم وجود أي مشاركة أو رقابة من ممثلي الشعب على مرفق القضاء و التي سارت بعد الثورة نحو الأسوأ . ففي دستور 1971 كان رئيس الجمهورية هو رئيس المجلس الأعلى للقضاء وحيث يفترض أن رئيس الجمهورية منصب منتخب من الشعب وبهذا يفترض أن ممثل الشعب هو من يرأس السلطة القضائية باعتبار أن الشعب هو مصدر للسلطات , و في دستور 2012 تم إلغاء هذا النص بإدعاء الفصل بين السلطات دون وضع نص بديل يحافظ على حق الشعب في الرقابة وبهذا تم إسقاط حق أصيل للشعب وبقي حق آخر وهو أن يحق لمجلس الشعب وضع القوانين والرقابة على الموازنة الخاصة بالقضاة ثم جاءت الطامة التي عصفت بهذا وذاك وهي المادة 158 ونصها كالآتي :-"تقوم كل جهة، أو هيئة قضائية على شئونها، ويكون لكل منها موازنة مستقلة تدرج في الموازنة العامة للدولة رقمًا واحدًا، ويؤخذ رأيها في مشروعات القوانين المنظمة لشئونها، وتُقر بموافقة ثلثي أعضاء مجلس الشعب".. ويكمن السم في تغيير لفظ "وفقا للقانون" في النصوص السابقة وهو يعني أن المرجعية النهائية لمجلس الشعب , إلى لفظ " تُقر" في هذه المادة ويعني أن مجلس الشعب يلتزم بقيام كل جهة قضائية على شئونها دون تدخل منه أو من غيره سواء بالرقابة أو بالتشريع .حتى لو تم الإبلاغ عن فساد مالي أو إداري داخل هذه الجهات .ولا يجب أن ننسى أن هذه جهات معينه وليست منتخبه والفرق شاسع , فمعنى التعيين هو القيام بمهام وظيفية وفقا للقانون الذي يمنح الوظيفة سلطات وفي نفس الوقت يراقبها حتى يحدث اتزان في الوظيفة, أما المنتخب هو الذي يتم تقييم أداؤه التشريعي والرقابي بشكل دوري كل فتره وبناء عليه يتم استمرار انتخابه من عدمه ومن هنا نضمن التقدم دائما إلى الأفضل . وغير ذلك التوازن فإننا ننتج فئة طاغية بأنفسنا .. حتما ولابد من اصطدام هذه المادة مع المصلحة الشعبية , وبعيدا عن عدم وجود ضمان لمواجهة الفساد المالي الوارد في لفظ "رقم واحد " سنتحدث عن مثال آخر وهو تعيينات أعضاء النيابة , فإذا افترضنا مثلا أن تقرر قبول دفعه كاملة من أبناء القضاة والمستشارين مستبعدين أي فرد من أبناء الشعب سيكون ذلك للأسف الشديد حق دستوري لهم لا يستطيع أحد أيا كان التدخل فيه , ولن ينفع الشعب الرئيس أو مجلس الشعب المنتخبين ولن يجد الشعب أمامه سوى اللجوء إلى من يتهمه بإهدار حقه أو أن يلجأ الشعب بالمطالبة بتغيير هذه المواد مما يستغرق حقبه أخرى من الزمن نكتوي فيها بنار ظلم هذه المادة لحين تعديلها .. السؤال الذي يطرح نفسه , هل من حق الشعب الرقابة على السلطة القضائية ؟ الإجابة ببساطة هي أن الشعب هو مصدر السلطات والرقابة الشعبية هي أصل كل رقابة والقاعدة هي أن المنتخب يشرع ويراقب المعين , وأحب أن أشير إلى أنه لا يجوز القياس على فتره استثنائية فاشلة (حكم الإخوان) حتى نطيح بحق الشعب في الرقابة , فطريق الديمقراطية أشبه بالطفل الذي يبدأ في المشي فيقع , فبدلا من أن نتركه ليحاول المشي مره أخرى ويتعلم من المرة السابقة نمنعه من المشي خوفا من الوقوع وبهذا الخوف لن يمشي أبدا , والطبيعي أن يحاول مره أخرى وستكون بلا شك أقل وطأه من الأولى وهكذا حتى يتمكن من المشي ثم الجري .. هذا ليس بدعا ولنا في الدستور الفرنسي أسوه حسنه فكانت دائما مصدرا لنا في الدساتير والقوانين , فلقد وصلت فرنسا حديثا في 2008 بتجاربها الديمقراطية في تحقيق العدالة والمساواة والتي لا يستطيع أحد المزايدة عليها فهي باحثه بكل جدية عن الكرامة والعدالة وحقوق المواطنين وتعرف جيدا معنى الفصل بين السلطات , قامت بتعديل الدستور الفرنسي في 2008 لتصل إلى مادة غاية في التوازن العددي والنوعي بين الرقابة الشعبية والقضاة وإليكم مختصر المادة 65 :. يتكون المجلس الأعلى للقضاء من تشكيلتين الأول رئيس محكمة النقض وخمسة قضاه وعضو من النيابة العامة ومستشار دولة يعينه مجلس الدولة ومحام وكذا ست شخصيات لا تنتمي إلى البرلمان أو إلى النظام القضائي ؛ يعين كل من رئيس الجمهورية ورئيس الجمعية الوطنية ورئيس مجلس الشيوخ شخصيتين مؤهلتين . والتشكيل الثاني خاص بالنيابة العامة وبنفس الطريقة والعدد . أما بالنسبة للمحكمة الدستورية فكل تشكيلها يتم اختياره من قبل المؤسسات المنتخبة - مادة 56 .. وأرى أن مطالبة مجلس الدولة والمحامين بحقهما بأن يكون لكل منهما مقعد في مجلس القضاء يساهم في حل أزمتهما مع الدستور ،لذلك نقترح تعديل هذه المواد ووضع مادة للمحكمة الدستورية مماثلة للدستور الفرنسي ومادة أخرى مماثلة تختص بالمجلس الأعلى للقضاء وليكن نصها :"يرأس الجهات والهيئات القضائية مجلس يتكون من رئيس محكمة النقض وخمسة من القضاة ومحام ومستشار مجلس دولة و شخصين يعينهما رئيس الجمهورية وأربعة يعينهم مجلس الشعب من غير القضاة أو أعضاء البرلمان " فلم يعد مقبولا بعد أن دستور مصر في 2013 يدنو ولا يعلو على دستور فرنسا في 2008 ويهدر حق الشعب في الرقابة والتشريع وهو الضمان الوحيد لتحقيق العدالة ..